أجوبة كتابية لمعالي وزير الخارجية الصيني وانغ يي في مقابلة صحفية مع جريدة الأهرام

(بجين، يوم 25 ديسمبر عام 2014)
2014-12-25 16:32

1. س: فى سياق الوضع الاقليمى الحالى، نرى أن مقابلة الرئيس الصينى شى جين بينغ والرئيس المصرى عبدالفتاح السيسي لمناقشة كيفية تنسيق مواقف الشؤون الاقليمية وتعزيز التعاون فى المجال الاقتصادى وغيرها من المجالات الأخرى هي شئ يكتسب أهمية كبيرة. فبأي طريقة يجب تعزيز علاقات الشراكة بين الصين ومصر فى الوقت الراهن ؟

ج: قام فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي بزيارة دولة للصين خلال فترة ما بين يوم 22 ويوم 25 من الشهر الجاري بدعوة من الرئيس الصيني شي جين بينغ. وأجرى الرئيسان خلال هذه الزيارة محادثات يسودها جو من الصداقة والمودة، وتبادلا وجهات النظر بشكل معمق حول سبل تعزيز العلاقات الثنائية وتعميق التعاون العملى فى مختلف المجالات وكذلك القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وتوصلا إلى توافق واسع النطاق. كما وقع الرئيسان على بيان مشترك لإقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين ومصر، وشهدا على توقيع عدد من وثائق التعاون الثنائية المشتركة بين البلدين. كما التقى الرئيس عبدالفتاح السيسي مع كل من رئيس الوزراء الصينى لى كه تشيانغ ورئيس اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني(البرلمان) تشانغ ده جيانغ أيضا.

تعتبر زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي هذه الى الصين زيارة ناجحة تماما تتمتع بأهمية كبرى بالنسبة إلى زيادة توطيد عرى الصداقة التقليدية بين الصين ومصر ورفع مستوى العلاقات الثنائية وتعميق وتوسيع التعاون العملي بين البلدين.

إن كلا من الصين ومصر صاحب الحضارة العريقة، وعلى الرغم من بعد المسافات بين البلديين، إلا أن علاقات الصداقة بين البلدين والشعبين تضرب جذورها في أعماق التاريخ. لم ولن ننسى أن مصر هى أول دولة عربية أفريقية تقيم العلاقات الدبلوماسية مع الصين الجديدة، وذلك فتح حقبة جديدة فى علاقات الصين مع الدول العربية والقارة الأفريقية. ومنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، ظلت العلاقات بين الشعب الصيني والشعب المصري تتميز بالفهم المتبادل والتأييد المتبادل والثقة المتبادلة بغض النظر عن تقلبات الأوضاع الدولية وتغيرات الأوضاع الداخلية لكل من الصين ومصر، وتستمر العلاقات بين البلدين في تطور سلس، وترتفع إلى مستويات أعلى.

فى الوقت الذى أطلق الشعب المصري فيه خطواته الجديدة في البحث عن طريق تنموي يتفق مع ظروفه الوطنية، تحرص الصين كصديق حميم وشريك استراتجي لمصر على تعزيز التعاون مع الشعب المصري لتحقيق التنمية وحلمنا المشترك المتمثل في الازدهار والرخاء لبلدينا والرفاهية والسعادة لشعبينا.

أعتقد أن عملنا المشترك لتطوير العلاقات الثنائية يجب أن يتركز على الصفات الاستراتيجية والشاملة والمستدامة الثلاث. إن الصفة الاستراتيجية معاناها المراعاة المتبادلة للمصالح والهموم الحيوية لكل من البلدين وتوسيع لغتنا المشتركة حول مختلف القضايا الدولية والإقليمية. إن الصفة الشاملة تعني ضرورة العمل على حسن استثمار إمكانية التعاون الثنائي في كافة المجالات لتحقيق المنفعة المتبادلة والفوز المشترك. أما الصفة المستدامة، فإنها تعني أهمية تعزيز التبادل الثقافي والشعبي بما يحافظ على استمرارية الصداقة الصينية المصرية تعزيزها جيلا بعد جيل.

تعتبر الصين أكبر دولة نامية، بينما تعد مصر دولة كبيرة في العالم العربي والإسلامي والعالم النامي والقارة الأفريقية. فإن تطوير العلاقات المتميزة بين البلدين أمر لا يفيد الشعبين فقط، إنما يساهم أيضا في تطوير العلاقات بين الصين والدول العربية والأفريقية والإسلامية، وبالتالى يساهم في تدعيم السلام والتنمية على المستويين الإقليمي والدولي. فتحدو الصين ثقة تامة بمستقبل واعد للعلاقات الصينية المصرية.

2.س: كيف يمكن للصين مساعدة مصر فى المجال الاقتصادى، وخاصة على خلفية التعاون الواعد في المنطقة والعالم؟ هل تخطط الصين زيادة استثماراتها المباشرة فى مصر؟ وهل الصين ستساعد مصر فى تطوير المناطق الصناعية؟ ما رأيك فى دور الصين فى المشاريع الكبرى الجديدة فى مصر؟

ج: يعتبر التعاون العملي هو جزءا هاما لمجمل العلاقات بين الصين ومصر، وعلى الرغم من التغيرات التى طرأت على الأوضاع فى مصر في السنوات الأخيرة، إلا أن هذا لم يؤثر على التعاون بين البلدين، بل بالعكس، حقق التعاون الصيني المصري في مجالات التجارة والاستثمار والطاقة تقدما هاما. وعلى سبيل المثال، تجاوز حجم التبادل التجارى بين البلدين في عام 2013 حاجز 10 مليارات دولار لأول مرة، حيث بلغ 10.2 مليار دولار. ومن المتوقع أن يستمر هذا الزخم هذا العام. كما أن منطقة السويس للتعاون الاقتصادي والتجاري نقطة ساطعة في خريطة التعاون بين البلدين، وتوصل الجانبان إلى اتفاق على بناء المرحلة الثانية للمنطقة على أساس النجاح الحاصل في مرحلتها الأولى.

على الرغم من أن وقت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي للصين قصير، لكن الزيارة حققت نتائج مثمرة في مجالات التعاون العملي بدليل أن الحكومتين والشركات من البلدين وقعت على عديد من اتفاقيات تعاون تشمل السكك الحديدية والطاقة الكهربائية والطاقة النووية والطاقة المتجددة والأقمار الصناعية وتكنولوجيا الفضاء والمساعدات الإنمائية الأمر الذي يثبت مدى ثقة حكومة الصين وشركاتها في مستقبل مصر، ويساهم في توسيع التعاون الثنائي وإثراء مقوماته.

طرحت مصر مؤخرا خططا استراتيجية طموحة للتنمية والتطوير، بما فيه توسيع قناة السويس وتطوير ممر القناة وبناء سكة حديدية فائقة السرعة تربط بين الشمال والجنوب وغيرها. وتتناسب هذه المشاريع الكبرى بدرجة كبيرة مع ما طرحه الرئيس الصينى شى جين بينغ من المبادرة الطموحة المتمثلة في عمل الصين والدول العربية على تطوير "طريق الحرير الجديد" ("الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وبناء طريق الحرير البحري في القرن الـ21")، وكذلك مع ما طرحه رئيس الوزراء الصيني لى كه تشيانغ من فكرة بناء "الشبكة الثلاث" التي تربط بين الصين وأفريقيا وهى ( قطار فائق السرعة، طرق سريع، شبكة طيران إقليمية).

يجب أن نقول ان التعاون العملى بين الصين ومصر يتمتع بطبيعة التكامل القوية وإمكانيات هائلة، وآفاق واسعة. وفي المرحلة القادمة، ستعمل الصين مع مصر على اغتنام الفرص المتاحة وترجمتها الى نتائج ملموسة فى أسرع وقت ممكن. وفي هذا السياق، ندعو إلى تركيز جهودنا في المجالات التالية:

أولا، تعزيز التعاون فى البنية التحتية، ترغب الصين في المشاركة الإيجابية فى المشاريع المصرية الكبرى مثل تطوير ممر قناة السويس وخط قطار فائق السرعة بين الشمال والجنوب وساحل شمال غربى مصر وغيرها، ومساعدة مصر في تطوير اقتصادها وتوفير فرص عمل وتحسين معيشة الشعب. إن الصين على استعداد لتقاسم خبراتها الغنية مع مصر بدون أي تحفظ فى مجالات بناء مناطق صناعية ومناطق تكنولوجية ومناطق حرة.

ثانيا، تعزيز التعاون فى مجال الاستثمار والتمويل. ترغب الصين في زيادة استثماراتها في مصر وتوفير شروط تفضيلية للتمويل ومساعدة مصر فى التغلب على الصعوبات الاقتصادية في حدود إمكانياتها. وجدير بالذكر أن التعاون الاستثماري والتمويلي بين الصين ومصر لا يرتبط بأي شروط سياسية، ولا يشكل إلا عنصرا إيجابيا لاقتصاد مصر. ستواصل الصين تشجيع شركاتها ذات القدرة القوية والسمعة الطيبة على الاستثمار فى مصر. وحتى الآن، توجد أكثر من 30 شركة صينية في منطقة السويس الصينية المصرية للتعاون الاقتصادي والتجاري، مما وفر أكثر من 2000 فرصة عمل للمصريين. ومن المتوقع أن المرحلة الثانية لمشروع المنطقة ستساهم بشكل أكبر فى هذا المجال. وفى الوقت نفسه، نأمل أن يقدم الجانب المصرى المزيد من التسهيلات للشركات الصينية ويضمن سلامتها وحقوقها ومصالحها المشروعة.

ثالثا، الإسراع بتحقيق التشابك الصناعى. تعمل مصر حاليا على رفع مستوى الصناعة، أما الصين، فتتمتع بالتكنولوجيا المتقدمة والخبرات الواسعة وقدرة الإنتاج القوية في مجال التصنيع، فنحن على استعداد تام لنقل لمصر ما تحتاج إليه من قدرة الإنتاج القوية والتكنولوجيا الصناعية المتقدمة التي تتناسب مع أحوالها بما يعزز القوة الدافعة للنمو الاقتصادى المصرى.

رابعا، توسيع مجالات التعاون الجديدة. ترغب الصين في تعزيز التعاون مع مصر فى مجالات الطاقة النووية والقطار الفائق السرعة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والأقمار الصناعية وتكنولوجيا الفضاء بما يرفع جودة التعاون.

قد أكد الرئيس الصينى شى جين بينغ فى اجتماع الشؤون الخارجية للجنة المركزية للحزب الذى عقد مؤخرا على ضرورة إقامة العلاقات الدولية بنوع جديد التي تقوم على أساس التعاون والفوز المشترك. أعتقد أن العلاقات الصينية المصرية تتوفر لها إمكانية وأساس لكي تصبح نموذجا للتعاون والفوز المشترك بما يخدم مصالح الشعبين بشكل أفضل.

3. س: يمر العالم العربي بأصعب فتراته فى التاريخ، فما الذى ستفعله الصين لإعادة الاستقرار فى المنطقة؟ إن الصين هى من الدول التى تدعم الحقوق العربية، بينما تربط بين الصين وإسرائيل والولايات المتحدة مصالح أيضا. فما هي الخطوات الجديدة التي ستتخذها الصين لتهدئة الوضع المتدهور بين اسرائيل وفلسطين ؟

ج: قد استمرت الاضطرابات في منطقة غربي آسيا وشمالي أفريقيا لأربع سنوات، حيث عانى العالم العربي من المصاعب والمشاكل الكثيرة. فتزداد رغبة الدول العربية وشعوبها يوما بعد يوم في استعادة الاستقرار وتحقيق الإصلاح والتنمية. إن الصين كأخ وصديق وشريك طيب للدول العربية وشعوبها كانت ولا تزال تهتم بالأمن والاستقرار والتنمية فى المنطقة وتهتم بمصالح شعوب المنطقة ورفاهيتها. وأود أن أؤكد على النقاط التالية:

أولا، تدعم الصين بقوة جهود دول المنطقة لتحقيق التغير بإرادتها المستقلة وبشكل منتظم. ويجب علينا أن نترك شعوب المنطقة تختار بنفسها طرق تنموية. وتقدر الصين تقديرا عاليا جهود دول المنطقة بما فيه مصر من أجل تحقيق التغير والتنمية، واثقة بأن شعوب المنطقة لديها الحكمة والقدرة على إيجاد نظم سياسية وطرق تنموية تتناسب مع ظروفها الوطنية بإرادتها المستقلة.

ثانيا، تسعى الصين إلى الحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة. قد برهنت الحقائق الواقعية والتاريخية أكثر من مرة أن أن القوة العسكرية عاجزة عن حل المشكلة، بل بالعكس، لا تجلب إلا الكوارث. على الرغم من أن الحوار السياسى قد لا يؤدي إلى نتائج فورا، ولكن الوقت سيثبت أنه طريقة أقل ثمنا وأكثر إفادة للسلام والاستقرار في المنطقة تجنبها من التداعيات السلبية. فتدعو الصين الأطراف المعنية إلى دفع الحل السياسي للقضايا الساخنة في المنطقة بالصبر، وتفويت القوى الإرهابية والمتطرفة أي فرصة لاستغلالها وتوسيع نفوذها.

ثالثا، تدعم الصين بكل الحزم مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقواعد الأساسية للعلاقات الدولية. إن مبدأ السيادة هو حجر الزاوية للنظام الحديث للعلاقات الدولية، وهو يشكل أيضا أقوى حاجز للدول النامية للدفاع عن كرامتها ومصالحها الوطنية. ولا يجوز اعتماد "ازدواجية أو تعددية المعايير" في مسألة السيادة الوطنية وترفض الصين بشدة محاولة أى قوة خارجية لفرض إرادتها على دول المنطقة وشعوبها.

رابعا، تدعو الصين إلى تحقيق حل شامل. وتزامنا مع الجهود الدبلوماسية والسياسية، يجب تعزيز المساعدة لدول المنطقة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وفي الوقت الذي يسعى المجتمع الدولي فيه لحل القضايا المطروحة في المنطقة، يجب عدم تهميش عملية السلام في الشرق الأوسط.

ان القضية الفلسطينية هى لب قضية الشرق الأوسط. قد مرت 60 سنة على إقامة دولة اسرائيل، بينما مطلب الشعب الفلسطينى المشروع في إقامة دولته المستقلة لم يتحقق بعد حتى الآن. لا سلام حقيقي بين العرب وإسرائيل ولا استقرار دائم في الشرق الأوسط من دون حل القضية الفلسطينية.

كانت ولا تزال الصين تدعم بقوة القضايا الفلسطينية والعربية العادلة، وتدعم إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة على أساس حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وتدعم اندماج فلسطين كدولة مستقلة في المجتمع الدولي. ولعبت وتلعب الصين دورا إيجابيا وبناء في هذا الصدد. وقد طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ العام الماضى مبادرة بأربع نقاط لحل القضية الفلسطينية. ولقيت المبادرة تجاوبا واسعا من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي والمجتمع الدولي. خلال الصراع فى غزة هذا العام، طرحت أنا نيابة عن حكومة الصين مبادرة النقاط الخمس لحل الصراع، كما قدمت الصين المساعدات الإنسانية العاجلة للشعب في غزة.

إن الصين كونها عضوا دائما فى مجلس الأمن، وكونها صديقا وأخا للدول العربية، ستدعم كالمعتاد القضايا الفلسطينية والعربية العادلة وتعمل باستمرار على دفع مفاوضات السلام لتحقيق حل عادل ومعقول للقضية الفلسطينية.

4. س: ما هي النتائج التي حققها منتدى التعاون الصيني العربي ومنتدى التعاون الصيني الأفريقي؟

ج: بذلت الصين والأطراف المعنية جهودا دؤوبة لتعزيز دور منتدى التعاون الصيني العربي ومنتدى التعاون الصيني الأفريقي منذ تأسيسهما وحققت نتائج مثمرة، مما جعلهما مسرحا هاما لإجراء لحوار الجماعي ودعم التعاون العملي بين الصين والدول العربية والأفريقية، وراية شاهدة على تطور العلاقات الصينية العربية والأفريقية.

يصادف العام الجاري الذكرى السنوية الـ10 لتأسيس منتدى التعاون الصيني العربي. ومنذ تأسيسه، ظل المنتدى يتطور باستمرار وقد تمّ إنشاء عشرات آليات للتعاون في إطاره، مما أثرى مقومات التبادل الودي بين الصين والدول العربية ونوّع أنماط التعاون الصيني العربي المتبادل المنفعة، وأصبح منارة يدور في فلكها تطورُ العلاقات الصينية العربية. وفي السنوات العشر الماضية، ارتفع حجم التبادل التجاري بين الصين والدول العربية من 25.5 مليار دولار إلى 238.9 مليار دولار بزيادة سنوية تتجاوز 25%؛ وازدادت صادرات النفط الخام من الدول العربية إلى الصين من40.58 مليون طن إلى 133 مليون طن بزيادة سنوية تتعدى 12%. قد أصبحت الصين ثاني أكبر شريك تجاري للعالم العربي بشكل عام وأكبر شريك تجاري لتسع دول عربية بشكل خاص. وأما الدول العربية، فهي تحتل المرتبة السابعة في ترتيب شركاء الصين التجاريين. وأهم من ذلك، تعد الدول العربية أهمّ شريك تعاون للصين في مجال الطاقة وأهم سوق لمشاريع المقاولات والاستثمارات الخارجية الصينية. إضافة إلى ذلك، تكثف التبادل الشعبي والثقافي بين الصين والدول العربية يوما بعد يوم. وفي السنوات العشر الماضية، أعدّت الصين 15676 فردا من مختلف المتخصصين الأكفاء العرب، وازداد عدد الطلاب العرب الوافدين إلى الصين بزيادة سنوية 30.5% وارتفع عدد المسافرين بين الصين والعالم العربي من 130 ألف فرد سنويا إلى 830 ألف فرد سنويا، كما أصبحت فعليات التبادلات الشعبية والثقافية أكثر تنوّعا، بما فيها تبادل إقامة المهرجان الفنون وترجمة الكتب والأعمال الأدبية بين اللغتين والتشارك في نشرها وإلخ. وعقدت الدورة السادسة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي في يوم 5 يونيو عام 2014 في بكين، وحضر الرئيس الصيني شي جين بينغ المراسم الافتتاحية للاجتماع وألقى كلمة مهمة. حدد الحضور في الاجتماع المجالات والتوجات ذات الأولوية لتطوير العلاقات الصينية العربية وتطوير المنتدى، ويلعب الاجتماع دورا هاما في استعراض نتائج الماضي واستشراف آفاق المستقبل لعلاقات التعاون الاستراتيجي الشامل بين الصين والدول العربية. وفي المرحلة القادمة، سيعمل الجانبان الصيني والعربي على ترجمةَ نتائج الاجتماع الوزاري إلى أرض الواقع وتعزيز بخطوات متزنة التعاون العملي في المجالات كافة، وذلك على ضوء مبادرة العمل الصيني العربي المشترك في بناء "طريق الحرير الجديد" التي طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ.

ومنذ تأسيس منتدى التعاون الصيني الأفريقي قبل 14 عاما، يلعب المنتدى دورا مهما لا بديل له في تعزيز الحوار الجماعي وتعميق التعاون العملي بشكل شامل وتدعيم التبادلات الشعبية الثقافية وتقوية التفاهم والتعارف والصداقة بين الشعب الصيني والشعوب الأفريقية. وقد تمّ إنشاء آليات الحوار على مختلف المستويات في إطار المنتدى وينعقد اجتماع وزاري كل 3 سنوات. أحرزت العلاقات الصينية الأفريقية تطورات شاملة وكبيرة في إطار المنتدى، حيث تجاوز حجم التجارة الصينية الأفريقية لأول مرة 200 مليار دولار في عام 2013 وبلغ 210 مليار دولار ما يمثل 21 ضعف لما كان عليه في عام 2000، مما جعل الصين أكبر شريك تجاري لقارة أفريقيا لـ5 سنوات متتالية. كما ازداد استثمار الصين المباشر في أفريقيا من صفر إلى ما يقرّب 30 مليار دولار، وتنتشر مشاريع التعاون في أنحاء القارة وتوجد حاليا أكثر من 2500 شركة صينية في أفريقيا، مما جعل قارة أفريقية رابع أكبر سوق استثمار للصين في الخارج. يطبق الجانب الصيني بالأفعال سياساته نحو أفريقيا المتمثلة في "الوفاء والإخلاص والصداقة والصدق" ومفاهيم "تفضيل الصداقة على الربح"، ولقيت سياسة الصين هذه ترحيبا وتقديرا عاليا من الشعوب الأفريقية. ويتمتع التبادل الشعبي الثقافي بين الصين وأفريقا بزخم قوي للتطور، وتحققت تنائج مثمرة في مشاريع التعاون التي تشمل "برنامج الصين وأفريقيا للبحث المشترك والتبادل" و"فعليات الصداقة الشعبية بين الصين وأفريقيا" و"مركز التبادل الإعلامي الصيني الأفريقي". وقد حقق الجانبان نتائج شاملة في التبادل والتعاون في المجالات الثقافية والتعليمية والصحية والطبية، وأصبح التبادل بين الجانبين في مجالات الأحزاب السياسية والبرلمان والجيش والمحافظات والنساء والشباب والمنظمات الشعبية والأوساط العلمية أكثر ازدهارا. وفي عام 2013، بلغ عدد السياح الصينيين الذين زاروا أفريقيا كالمحطة الأولى للزيارة 1.895 مليون فرد بزيادة 80.4% مقارنة مع نفس الفترة في عام 2012، وبلغ عدد الزوار من أفريقيا إلى الصين 553 ألف فرد. فمن الممكن القول إن الأسس الشعبية للصداقة الصينية الأفريقية أكثر قوة ومتانة.

5. س: إن الصين لديها خبرات غنية في محاربة القوى المتطرفة التي تضرّ بوحدة البلاد، فمن رأيكم، ما هي خبرات الصين الناجحة التي من الممكن أن تستفيد منها الدول العربية؟

ج: تولي الحكومة الصينية اهتماما بالغا لمحاربة العنف والنزعات المتطرفة، وتكافح بكل حزم أعمال العنف الإرهابية والمتطرفة التي تستهدف تقسيم وتمزيق البلاد مهما كان شكلها. نتمسك بشكل رئيسي بالمفاهيم والإجراءات التالية:

أولا، التمسك بالسياسات الشاملة ومعالجة ظواهر الإرهاب وبواطنه في حين واحد. تضع الحكومة الصينية دائما التنمية في الأولوية الأولى، وتبذل أقصى جهودها في تحسين معيشة الشعب وتعزيز العدالة الاجتماعية وخلق بيئة اجتماعية متناغمة وتجفيف منابع العنف والنزعات المتطرفة، كما تواصل إكمال الإجراءات القانونية والتشريعية وتعميم مفاهيم التسامح والاجتماعي والتناغم من خلال مختلف السبل والقنوات.

ثانيا، تعزيز إدارة الشؤون الدينية وحماية مَن يحترم القانون ومحاربة مَن يخالفه. ينصّ دستور الصين على أن المُواطِن يتمتع بحرية العقيدة والدولة تحمي الفعليات الدينية الطبيعية، بينما نعارض ونحارب بكل حزم أي شكل من أشكال الفعليات الدينية الشاذة غير القانونية، ونرفض بكل ثبات ربط العنف والنزعات المتطرفة مع أي أمة من الأمم وأي دين من الأديان.

ثالثا، الاهتمام بتوعية فئات المجتمع وخاصة وقاية الشباب من التطرف، حيث أن الشباب أكثر عُرضة لأفكار العنف والنزعات المتطرفة. إن الحكومة الصينية تعلق أهمية كبيرة على تعزيز التعاون والتنسيق بين وزارات الإعلام والتعليم والشؤون الدينية ومنظمات الشباب، وتبذل جهودا حثيثة لوقاية الشباب من تسلل أفكار العنف والنزعات المتطرفة إليهم.

رابعا، تقوية مراقبة شبكة الإنترت وفقا للقانون وسدّ ممرات وقنوات لنشر أفكار العنف والنزعات المتطرفة. تحارب الحكومة الصينية بإجراءات صارمة القوى المتطرفة التي تستغلّ شبكة الإنترنت لنشر أفكار العنف والنزعات المتطرفة، وذلك يجري وفق القانون الصيني والقرار رقم 2129 الصادر عن الأمم المتحدة وغيره من القرارات الدولية التي تُلزِم الدول الأعضاء بذلك. وفي الوقت نفسه، تهتم الحكومة الصينية باستخدام الإنترنت في دحض وتكذيب أفكار العنف والنزعات المتطرفة من أجل توعية الجمهور لمقاومة النزعات المتطرفة.ّ

خامسا، تعزيز التعاون الدولي وبذل جهود مشتركة في مكافحة الإرهاب والنزعات المتطرفة. إن العنف والنزعات المتطرفة مشكلة خطيرة تواجه المجتمع الدولي كله، وإن الصين كعضو في الأسرة الدولية تولي اهتماما بالغا للتعاون الدولي الهادف إلى مكافحة العنف والنزعات المتطرفة، وتستعدّ لتعزيز تبادل المعلومات المخابراتية والتعاون في تطبيق القانون بين الجهات المختلفة والاستفادة من الخبرات والإجراءات الناجحة من الدول الأخرى.

تأمل الصين من المجتمع الدولي أن يتفهم ويدعم جهودها الرامية إلى مكافحة العنف والنزعات المتطرفة. إننا على استعداد لتعزيز التبادل والتعاون على أساس الاحترام المتبادل والمساواة والفوز المشترك مع المجتمع الدولي وبما فيه الدول العربية من أجل مكافحة العنف والنزعات المتطرفة.

 ???? ??? ????     ?????

رقم 2 الشارع الجنوبي ، تشاو يانغ من ، حي تشاو يانغ ، مدينة بكين رقم البريد : 100701 التليفون : 65961114 - 10 - 86 +